ما الأثر الاقتصاديّ لقرار موسكو بالتَّعبئة العسكريَّة الجزئيَّة؟

أدَّى إعلان روسيا عن تعبئة جزئيَّة للجيش إلى عددٍ من الآثار الاقتصاديَّة على المستوى العالميّ والأوروبيّ والرُّوسيّ أيضاً، فمع تزايد المخاوف من تسبُّب القرار باتّساع رقعة الحرب وتأثُّر إمدادات النفط والغاز، قفزت أسعار النفط بأكثر من 2%، لتعود وتنخفض تحت تأثير ارتفاع سعر الفائدة الأمريكيّ.

كما ترتبط الخطوة الأخيرة بمخاوف زيادة التَّشديد الغربيّ للعُقُوبات الاقتصاديَّة؛ حيث تتضمَّن؛ عقوبات حول حركة الشَّحن واستيراد النّفط المنقول بحراً، مع تقييد واردات المُنْتَجَات النَّفطيَّة، وتحديد سقف أسعار الخام الرُّوسيّ بأنواعه الثلاثة: النفط الخام، والمنتجات المُكررة عالية القيمة، ومنخفضة القيمة.

أوروبياً انخفضت أسعار الأسهم؛ حيث تزامن إعلان التَّعبئة مع رفع أسعار الفائدة الأمريكيَّة للمرَّة الثالثة على التَّوالي هذا العام، وهبط المُؤشِّر ستوكس 600 الأوروبيّ بنسبة 0.3% مع انخفاض أغلب قطاعاته الفرعيَّة، كما هبط قطاع التكنولوجيا بنسبة 1.2%، بينما ارتفعت أسهم شركات الطاقة 1%.

على مستوى روسيا، تتحسّن التَّوقُّعات الاقتصاديَّة العام الحالي والمُقبِل، بوصول التباطؤ لأدنى مستوى له بالرُّبع المقبل، وانكماش النَّاتج المحلِّيّ بنسبة 0.8٪ العام المقبل، منخفضاً بنسبة 1.9% عن توقُّعات سابقة، وعودته للنُّموّ في 2024م بنسبة 2.6٪ في المتوسط، وانخفاض التَّضخُّم عند 12.4٪ بنهاية 2022م.

صحيح أنَّ الاقتصاد الرُّوسيّ يتكيَّف مع العقوبات الغربيَّة، لكنَّ الخطوة الجديدة يصعب معها قياس المخاطر؛ حيث تفترض التَّوقُّعات نشاطاً متفائلاً العام المقبل وتراجعاً في التَّضخُّم، ولكن التَّعبئة ستؤثِّر على 0.5% من القوَّة العاملة وتُقلِّص النُّموّ، وتضع ضغوطاً تصاعديَّة على الأجور والأسعار في القطاع الخاص.

من المتوقَّع أيضاً أن ترتفع احتمالات دخول روسيا في ركود طويل، أكثر ممَّا كان يُخشَى في البداية، فالاقتصاد الرُّوسيّ بعد هذه الخطوة مُعرَّض للمزيد من الضَّغط؛ حيث عدل المُحلّلون من توقُّعاتهم لتراجع النَّاتج المحلّيّ الإجماليّ لهذا العام إلى 3.75%، مع تراجُع الروبل بنسبة 1%.

على الرغم من أنَّ التَّوقُّعات الرَّسميَّة الأخيرة لا تزال سارية لهذا العام؛ إلَّا أنَّ توقُّعات 2023م تبدو “منفصلة عن الواقع”، كما تشير التوقُّعات للاقتصاد الكلِّيّ والتَّكاليف الإضافيَّة -التي لم يتمّ حسابها بعدُ- إلى خطر حدوث عجز أكبر في الميزانيَّة، وضرورة إيجاد مصادر لتَغطيته.

من المتوقَّع أن تُعزّز الخطوة الرُّوسيَّة الضُّغوط على الاقتصاد العالميّ، لا سيَّما أنَّها تترافق بارتفاع مستمرّ لسعر الفائدة الأمريكيّ، وهو ما يُعزّز من مخاطر الكساد العالميّ الذي قد يتحوَّل لركودٍ، سيطال أثره مختلف اقتصادات الدُّوَل.

د.يحيى السيد عمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top