تشهد قيمة الليرة السورية تراجعاً مستمرّاً، وإن كان بوتيرة بطيئة نسبياً ومُنتظمة، وذلك بعد ثبات نسبيّ استمرَّ قُرابة العام. وحالياً تبلغ قيمة الدولار 5,000 ليرة، وتعود أسباب تراجع قيمة اللِّيرَة لعدَّة أسبابٍ؛ منها داخليَّة وأخرى خارجيَّة. ولتوقُّع المسار المستقبليّ للِّيرة لا بدَّ من الوقوف على حقيقة هذه الأسباب وتحديد تأثيرها بدقَّة.
الأسباب الدَّاخليَّة لتراجُع قيمة اللِّيرَة
تعود الأسباب الدَّاخليَّة لتراجُع قيمة اللِّيرَة السُّوريَّة في غالبيّتها لسياسات حكومة النِّظام. فقيام المركزيّ السُّوريّ برفع سعر الصَّرف الرَّسميّ من 2814 إلى 3015. أدَّى لتحفيز السُّوق الموازي (السُّوق السَّوداء) على الارتفاع. والقرار هذا يشير إلى توقُّع المركزيّ السُّوريّ باستمرار تراجع قيمة اللِّيرَة في المدى المنظور.
ومن الأسباب الدَّاخليَّة أيضاً: زيادة عرض اللِّيرَة السُّوريَّة في السُّوق، نتيجة السِّياسة التَّوسُّعيَّة التي تتَّبعها حكومة النِّظام. والتي تظهر من خلال التوسُّع في عمليَّات الإقراض. لا سيَّما بعد صدور تعليمات جديدة تُتِيح لكلِّ موظَّف حكوميّ الحصول على قرض بقيمة 5 ملايين ليرة سوريَّة، بشروط ميسَّرة، وهو ما يعادل 1,000 دولار.
هذه القروض من شأنها زيادة عرض اللِّيرَة في السُّوق، وبالتَّالي المزيد من إغراق السُّوق المُشْبَع أساساً. وزيادة الضَّغط على اللِّيرَة، لا سيَّما في ظلّ تراجع عرض الدولار. إضافةً لزيادة الضُّغوط من الميليشيات على مراكز الإنتاج. وبالتَّالي تراجُع الإنتاج وقلَّة التَّصدير، وهو ما يعني المزيد من التَّراجُع في عرض الدولار.
من جهة أخرى سبَّب تفاقم أزمة الطَّاقة من كهرباء ووقود، عاملاً ضاغطاً على اللِّيرَة السُّوريَّة. من خلال ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتَّالي تراجع قدرة المُنْتَج السُّوريّ على المُنَافَسَة السِّعريَّة وتراجُع القدرة على تصديره. وهو ما يعني تراجعاً إضافياً في عرض الدولار في السُّوق السُّوريَّة.
الأسباب الخارجيَّة لتراجُع قيمة الليرة السورية
فيما يتعلَّق بالأسباب الخارجيَّة. فأهمّها وَضْع الأردن بعض القيود على عبور الشَّاحنات السُّوريَّة إلى دُوَل الخليج، وامتناع الأردن عن استيراد الخضار والفواكه من سوريا. بسبب الحذر من انتقال مرض الكوليرا إلى أراضيه؛ حيث شهدت بعض المناطق السُّوريَّة انتشار مرض الكوليرا.
هذه القيود من طرف الأردن سبَّبت تراجعاً حادّاً في الصَّادرات السُّوريَّة من خضار وفواكه. وبطبيعة الحال تُعدّ الأردن حالياً. المَنْفَذ الرَّئيس للصَّادرات السُّوريَّة. وبالتَّالي حدث تراجُع حادّ في دَخْل حكومة النِّظام من الدولار.
إضافةً للأسباب السَّابقة هناك بيروقراطيَّة حادَّة .تُمارَس. مِن قِبَل مُؤسَّسَات النِّظام لا سيَّما على المعابر الحدوديَّة، ما أدَّى إلى تراجع فاعليَّة التَّصدير.
في حال استمرار الأسباب المذكورة. وعدم قدرة حكومة النِّظام على إيجاد حلّ جذريّ. لها؛ من المتوقَّع استمرار تراجع قيمة اللِّيرَة في المدى القصير والمتوسِّط، وهذا الأمر. يُشكِّل عاملاً ضاغطاً على السُّوريِّين، لا سيَّما في ظلّ ثبات قيمة الدخول، وبالتَّالي ارتفاع جديد في نِسَب الفقر والبطالة، والمزيد من التَّهديدات المُتعلِّقة بالأمن الغذائيّ.
#الليرة_السورية #سعر_الليرة #اقتصاد
د. يحيى السيد عمر