التَّداعيات الاقتصاديَّة لزلزال 6 فبراير على الشَّمال السُّوريّ

التَّداعيات الاقتصاديَّة لزلزال 6 فبراير على الشَّمال السُّوريّ

إنَّ كارثة الزّلزال تتفاقم في الشَّمال السُّوريّ عمومًا، وفي شمال غرب سوريا على وجه الخصوص، في ظلّ تعقيد طُرق إيصال المُساعَدات إليه، خاصةً مع سعي حكومة النظام لاستثمار الكارثة سياسياً، لذلك وفي ظلّ الظُّروف الحاليَّة من غير المستبعَد تفاقُم الوضع الاقتصاديّ والإنسانيّ.

تُعدّ المنطقة الشَّماليَّة المُتاخِمة للحدود التُّركيَّة هي الأكثر تضرُّرًا من زلزال 6 فبراير، وهي منطقة مُدمَّرَة سابقاً نتيجة القَصْف المُمنهَج الذي تعرَّضت له لعدَّة سنوات، وتعاني بطبيعة الحال من دمارٍ واسعٍ في البِنْيَة التَّحتيَّة، وأتى الزلزال ليضاعف حجم الدمار، ويضيف لخسائرها السَّابقة خسائر جديدة.

الواقع الاقتصاديّ والإنسانيّ في الشَّمال السُّوريّ قبل وبعد الزلزال
قبل وقوع الزلزال كان عدد المحتاجين للدَّعم يقترب من 70% من إجماليّ السُّكان، وتُقدّر نسبة العائلات التي تعيش تحت خطّ الفقر بـ84%، وتُقدَّر نسبة العائلات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي بـ36%، ومُتوسّط الدَّخْل الشَّهريّ للأسرة الواحدة لا يتجاوز 75 دولارًا، فالمُؤشِّرَات الاقتصاديَّة في الشَّمال السُّوريّ وفي شمال غرب سوريا تُعدّ بالِغَة السُّوء.

بعد الزّلزال مِن المُؤكَّد أنَّ المُؤشِّرَات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والإنسانيَّة ستزداد سوءًا، لا سيَّما في ظلّ انعدام فُرَص التَّنمية الاقتصاديَّة، لذلك فمُؤشِّرات الفقر والجوع سترتفع بنِسَب مرتفعة، خاصَّةً أنَّ المُساعَدَات الدَّوليَّة المُقدَّمَة للمنطقة لا تَرْقى لأنْ تكون بحَجْم الكارثة، كما أنَّ سَعْي حكومة النِّظام لتسييس الكارثة أدَّى لزيادة حَجْم الكارثة في شمال غرب سوريا.

خسائر الشَّمال السُّوريّ من الزّلزال
سبَّب الزّلزال خسائر في غالبيَّة القطاعات، فعلى المستوى العقاري دمَّر الزلزال 1,314 منزلًا بشكل تام، و14,128 منزلًا تعرَّض لتدميرٍ جُزئيٍّ ولم يَعُد صالحًا للسَّكن، و10,833 منزلًا يعاني من تصدُّعات وبحاجة لتَدعيم وتَرميم.

وفيما يتعلَّق بالمرافق الخدميَّة، دمَّر الزلزال 293 مدرسة، و48 نقطة طبيَّة، و27 مكتبًا للمُنظَّمات الإغاثيَّة والإنسانيَّة، وتسبَّب الزّلزال بخروج 1117كم من الطُّرقات عن الخدمة، وعدد المُتضرِّرين بشكلٍ مباشرٍ تجاوز 900 ألف شخص، مع توقُّعات بأن يتجاوز لاحقًا 1,3 مليون مُتضرّر.

فيما يتعلَّق بالقيمة الاقتصاديَّة للخسائر، فإنَّ تقديرها يُعدّ صعبًا نِسْبيًّا، لعدم وجود جهات رسميَّة مسؤولة عن الإحصاء، وبسبب غياب أدوات التَّقدير والإحصاء، ولكنَّ فريق “مُنسِّقو استجابة سوريا” قدَّر قيمة الخسائر بـ 356 مليون دولار.

وعلى مستوى أثر الزّلزال على المستوى المعيشيّ، فقد ارتفعت أسعار الموادّ الأساسيَّة بنسبة 20%، خاصَّةً الدَّقيق والوقود، وكان إنتاج الخبز قبل الزّلزال يصل لحوالي 3500 كيس خُبز يوميًّا، وتقلَّص بعده لأقلّ من النِّصف بطاقة قصوى 1500 كيس، كما اختفت الخضروات والفواكه من الأسواق، بالإضافة لنُدْرة السِّلع الأساسيَّة، وارتفاع حادّ في أسعار البدائل.

بالنِّسبة للشَّركات والمصانع، فهذه الكوارث تُدمِّر الأصول الثَّابتة والمادِّيَّة مثل العقارات والآلات، بالإضافة إلى رأس المال البشريّ، وهو ما يُؤدِّي لتدهور القُدْرة الإنتاجيَّة لهذه المنشآت.

وبعد مرور أكثر من أسبوعين؛ حذَّرت لجنة الإنقاذ الدوليَّة من أنَّ ما يقرب من 90 % من الأُسَر اضطُرَّت إلى اقتراض المال لسَدّ احتياجاتها، وعانت 70% من الأُسَر من مشكلات في الملابس واللوازم المنزليَّة، حيث منحت اللَّجنة مساعدات نقديَّة لـ 7,000 أسرة لضمان قُدرتها على تلبية احتياجاتها.
د. يحيى السيد عمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top