ما الأثَر الاقتصاديّ للزّلزال على تركيا

ما الأثَر الاقتصاديّ للزّلزال على تركيا؟

المقدمة


يرى المتفائلون أنَّ خسائر تركيا من زلزال 6 فبراير لن تتجاوز 1% من النَّاتِج المَحلِّيّ الإجْماليّ، فوكالة فيتش للتَّصنيف الائتماني ترىَّ أنَّ الخسائر قد لا تتجاوز 4 مليارات دولار، لكنَّ هناك تقارير أكثر تشاؤماً، فاتّحاد الشَّركات والأعمال في تركيا قدَّر الخسائر بـ 84 مليار دولار، وهو ما يقارب 10% من النَّاتِج المَحلِّيّ الإجْماليّ.

الخسائر المقدرة

الخسائر تشمل أضرار البِنْيَة التَّحتيَّة، وبعض المناطق الاقتصاديَّة، وخسائر القطاع العقاريّ، فعدد المباني المُنهَارَة تجاوز 12,000 مبنًى، كما تعرَّضت المباني العامَّة مثل المدارس والمستشفيات والمكاتب الحكوميَّة لأضرارٍ جسيمَة.

بالإضافة إلى تضرُّر خطوط الغاز والنَّفط والكهرباء، وبعض البِنْيَة التَّحتيَّة الاستراتيجيَّة لأضرارٍ مُتوسِّطة، مثل طريق غازي عينتاب السَّريع، وميناء ومطار هاتاي.

الناتج المحلي والزلزال

تساهم المناطق المُتضرِّرة بالزّلزال بـ 9% من النَّاتِج المَحلِّيّ الإجْماليّ التُّركيّ، وهذا ما يَعني خسارة هذه النِّسبة، كما تساهم بـ8.5% من الصَّادرات التُّركيَّة، فآثار الزّلزال ستَطال بشكلٍ غير مُباشِر الصَّادرات، كما ستُسبِّب ارتفاعاً في عَجْز المُوازَنة العامَّة إلى 5.4% بعدما كان مُتوقَّعاً عند 3.5%.

كما تُوجد بعض التَّكاليف الأخرى، مثل نَفقات المعيشَة لـ 13.4 مليون مُتضرِّر من الزّلزال؛ الأثَر الاقتصاديّ للزّلزال حيث يحتاج نصف مليون منهم للدَّعْم؛ لتلبية احتياجاته الأساسيَّة بخلاف النَّفَقات الطِّبِّيَّة والتَّعليميَّة، وقد خصَّصت الحكومة التُّركيَّة 5.3 مليار دولار لتلك الفئة.

تُعَدّ المنطقة المُتضرِّرة من المناطق الاقتصاديَّة المُهمَّة في البلاد، وسيكون الانتعاش تدريجياً ولن يَحْدث قبل عام 2024م، ومن الممكن خسارة 2.0 – 2.5% من مُعدَّلات النُّمُوّ، ليصل مُعدَّل النُّمُوّ الاقتصاديّ من صفر إلى 1.0% فقط في عام 2023م، وهذا أقلّ من مُتوسِّط مُعدَّل النُّمُوّ السُّكانيّ 1.5%، ما يُؤدِّي إلى انخفاضٍ طفيفٍ في نَصيب الفرد من الدَّخْل القوميّ.

من المُتوقَّع أيضاً أن يشهد الاقتصاد التُّركيّ حالةً من الرُّكُود، ورغم استمرار انخفاض أسعار الطَّاقة، سيظل العَجْز الخارجيّ مرتفعاً مع انخفاض الطَّاقة الإنتاجيَّة ومستويات التَّصدير.

صندوق النقد الدولي

من غير المتوقَّع حصول تركيا على قَرْض من صندوق النَّقْد الدّوليّ، ولن تُغطّي أيّ إغاثة دوليَّة سوى الاحتياجات الأساسيَّة للمُتضرِّرين من الزّلازل، أما المُساعَدة الماليَّة من بنوك التَّنمية الدّوليَّة فضروريَّة، لكنَّ مُساهَمتها ستكون محدودةً وتدريجيَّة وعلى شَرائح.

إنَّ الخسائر الاقتصاديَّة للزلزال جاءت في وقتٍ تُواجه به تركيا عدَّة تحدِّيات اقتصاديَّة، وهو ما يُفاقِم هذه التَّحدِّيات، ويُعقِّد المشهد الاقتصاديّ العامّ، خاصَّةً أنَّ هذا كلّه جاء مع اقتراب الانتخابات الرِّئاسيَّة التُّركيَّة، وبالتَّالي فقد يكون هناك إسقاطات سياسيَّة للكارثة.
د. يحيى السيد عمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top