حفل توقيع كتاب “هويتنا السورية: معضلة شعب أم أزمة نخب؟”

عندما نتكلم عن الهوية مهم جدا أن نستند إلى أكبر قدر من المشترك بين بني البشر، وأن ننطلق من الفضاء والإطار الأوسع الجامع المتمثل بالهوية الإنسانية، فهي الركيزة المتينة التي تجعل صاحبها يحمل أجمع وأنفع صفات الرحمة والخير. السوريون عندما هبّوا على نظام الأسد المجرم، هبّوا ينشدون هويتهم الإنسانية قبل أي هوية أخرى، ويدافعون عنها ضد من انتهكها من ممارسات قمعية حاول فيها نظام الأسد وبشار الأسد من بعده إذلالهم بها. لذلك مع بداية الثورة رفعوا شعارات الحرية والكرامة ونادوا بإنسانيتهم قبل كل شيء، وكان الشعار “الشعب السوري ما بينذل” كانوا يشرحون للعالم أسره بأن هويتهم الإنسانية منتهكة وعليهم الذواد عنها. وقد وصل الحال بهم أن يقول قائلهم “أنا إنسان مالي حيوان”. 

هذه بعض الكلمات التي قدم فيها م. مطيع البطين كتابه “هويتنا السورية: معضلة شعب أم أزمة نخب” ونظراً لأهمية هذا الكتاب الذي يفنّد هذا المصطلح المهم، أقام مركز مقاربات للتنمية السياسية حفل توقيع لهذا الكتاب، مستضيفاً مؤلفه م. مطيع البطين، ضمن ديوان المركز الشهري، ديوان علي عزت بيجوفيتش، وهو ديوان شهري ثقافي، بأبعاد سياسية ومجتمعية، يستضيف النخب والمفكرين والناشطين بالشأن العام، ليُقدم لهم منصة فيزيائية تتيح لهم مناقشة وتداول وطرح أهم الأفكار النهضوية والتوعوية المهمة. 

بدأ اللقاء بحديث الضيف عن أهمية طرح هذا المفهوم ومناقشته، وأشار إلى أهمية عدم تأجيله لمرحلة ما بعد النصر، كما تنادي بعض النخب الأخرى، وقام الضيف بشرح المصطلح وأهم محدداته. وتطرق لموضوع الغلو في الهوية سواء الإفراط أو التفريط بها، واللذان يؤديان إما للتطرف أو الذوبان، وذكر من هذه الهويات ما يسمى بالهويات القاتلة والهويات المتناحرة والهويات الخطرة، وأيضا من الهويات المتطرفة ما يسمى الهويات المتوارية أو المتخفية أو الكامنة، التي توصل أصحابها لدرجة الاستعلاء وإلغاء الآخر. 

تطرق البطين لأهمية النخب في صنع الهوية، إذ إن الشعوب لا تخون وإنما تُخدع، فالنخب على تعددها، الثقافية والاقتصادية والسياسية، وغيرها.. هذه النخب قد توظف ما عندها في مصلحة بلدها فتكون نخبة بناء

ركز المؤلف على أهمية الانتماء للهوية الإنسانية، وأيضا الهوية الدينية، وعن العلاقة المترابطة والوثيقة بين الدين والهوية، فذكر خطأ من يحاول صناعة دساتير تُفتَتح بمواد غير قابلة للمساس ومُلغية للدين، في دول تعيش شعوبها على أسس يتجذر فيها الدين من القاعدة حتى أصغر تفاصيل حياتها.

تطرق البطين لأهمية النخب في صنع الهوية، إذ إن الشعوب لا تخون وإنما تُخدع، فالنخب على تعددها، الثقافية والاقتصادية والسياسية، وغيرها.. هذه النخب قد توظف ما عندها في مصلحة بلدها فتكون نخبة بناء، وقد تكون توظفها في غير مصلحة بلدها فتكون نخبة هدم. ومن النخب، النخب المصنوعة التي صنعها الإعلام للشعوب، وقد تكون نخبة موظَّفة مدعومة خارجياً. 

ومما أشار إليه الضيف أهمية النخب الدينية في المحافظة على هوية المجتمع، وأيضا ذكر بعض النخب الصامتة وأنواعها، وركز على أهمية صناعة النخب لأنها هي التي تقود المجتمع.

حضر الديوان العديد من الناشطين المجتمعيين والمفكرين والعاملين بالشأن العام، وقاموا بطرح المداخلات والأسئلة في النصف الثاني من اللقاء. واختتم اللقاء بإهداء الكتاب للحاضرين وتوقيعه من قبل المؤلف. 

يعد الحوار بين النخب من أهم ما ينهض بالوعي الجمعي لدى أيّ مجتمع، وفي ديوان علي عزت بيجوفيتش الشهري، يتم التركيز على ذلك من خلال طرح هكذا مواضيع نهضوية بين النخب.

ديوان علي عزت بيوجوفيتش
مركز مقاربات للتنمية السياسية

شاهد اللقاءات المسجلة ضمن ديوان علي عزت بيجوفيتش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top