ثورة لأجل الثورة

ثورة لأجل الثورة

مع مرور السنوات وإقبال أخرى
أيقنّا أنه كلما تقدّم عمر الثورة تضاعفت مصاعبها، وتفاقمت معوقاتها، وتراكمت سلبياتها، لا ندري أهي سنّة التطور أم تضخم في الأخطاء! أم خلل في التأسيس! أم هشاشة في البناء! أم إهمال وازدراء من الماسكين بزمام السلطة!
أم أن سنة الاستبدال قد حانت… !

فالعادة الدنيوية والطبيعة الإنسانيّة، تفترض أن التقدم ومضي الوقت وتحرك الزمن وتقلّبه، يلقنّ الدروس، ويعززن التجارب، التي حدثت وطرأت في طور المراحل، ونحن في الواقع على عكسه تماماً فالتاريخ هو من يتعلّم منّا لشدة إفراطنا في التناقضات .

إن استمرار حالة الفوضى كما هي عليه الآن ليست إلا هدراً للوقت واستنزافاً للطاقات وقتلاً للرغبات وعرقلة للشرعية وإجهاضا لقداسة القضية.

ولأن الواقع ليس بحاجة إلى المضاعفات والمضايقات القادحة بمصداقية المقصد، بل هو بحاجة إلى إعادة الهيكلة والإقدام على التصحيح نزولاً من رأس الهرم إلى أسفل القاعدة، أي “ثورة قوية على الثورة المتقهقرة” أو على الواقع على أقل تقدير، لأن الحال من المحال أن يستمر على ماهيته، لأنه حتما سيفضي إلى الانهيار الداخلي والمعنوي في نفوس الثائرين ويؤدي إلى نقلهم من صراع الوجود والاعتراف العالمي إلى الاقتتال الأهلي المحلّي.

علينا أن نعي ونتعلم من التاريخ مواقفه العصيبة، ونستشرف المستقبل وبما سيؤول إليه، ونكرس الجهود ونوحد الهمم ونرص الصفوف، لإكمال المسير وحماية الثائرين، تجنبا لأي كارثة قد تودي بالحقيقة وطالبيها إلى الحضيض ودَرك الهاوية.

ولا يخفى على أحد ما تشهده الساحة السورية خلال هذه الفترة، من ركود على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والأمنية والمدنية والاقتصادية والعلميّة والعمليّة، يتضح لنا ذلك جليّا مما نعايشه من صعوبات وتحدّيات عديدة ، نتج عنها قلة فاعلية وضعف في التفاعل، والتشاركية اللازمة، والتي يفترض أن تكون حاضرة بين المؤسسات المتواجدة، والشخصيّات البارزة ذات القرار والتوجيه، تعود تلك الأعراض لأسباب وإرهاصات دولية إقليمية تليها العوامل المحليّة، وتماديات مجتمعية عصفت في نفوس الأفراد والجماعات، وأوصلتها إلى الثبات النسبي والبرود الداخلي لغير إيجابي، بالنسبة للشعب المؤمن الذي آمن بقضية واحدة، وأجمع على هدف سويّ، ومقصد سليم.

وممالا شك فيه أن تلك الكوارث خدمت بشكل كبير طرف العدو المضاد، بشكل مباشر أو حتى غير مباشر، وأهلته لأن يكون أقوى وأشد صلابة في الشرعنة والقوة، وكسب في ذلك الثقة الدولية.

وبعد التعرض للأسباب والأعراض، يجب تناول بعض من الحلول والتوصيات الواجبة على كل مؤمن بقضية وصاحب هم ثوري:

o بعث روح الثورة من جديد
o الإجماع على القول والرأي
o التوحد وطرد المستبد والمغتصب
o غربلة الصفوف وتنقيتها من تلك الشوائب
o خلق مبادرات وورشات تهدف إلى الإصلاح السياسي والثوري.
o التعلّم من الأخطاء السابقة والاستفادة منها في المراحل القادمة.
o إعادة هيكلة البنى والمؤسسات لتكون أكثر فاعلية.
o تأييد المشروع الوطني الذي يخدم الثورة ويحقق أهدافها.
o نبذ التطرف والتعصب والتفرقة.
o دعم الشخصيات الموثوقة والطامحة لمزاولة وقيادة المشروع الثوري.

والعديد من العوامل والبوادر الحقيقية اللاوهمية المرتهنة بالإرادة والإدارة الشعبية المستقيمة منها والهادفة، التي تتجه نحو إيجاد صيغة توافقية جمعية تضمن حقوق أهل الثورة وتكفل تطلعاتهم.

إن كل تلك المعوقات أيا كانت شدّتها ومدى قوتها، تحتاج لنهضة نفسية إرادية متفائلة لا متشائمة، تعنى بالنهوض بالواقع وتسعى لتغييرة وتجديده وتطويره، واستحداث ثورة تنقلب على من تسلق باسم الثورة .

فالواجب الأسمى لكل أصحاب الفكر الحر المستنير، هو النظر بمنظور الإصلاح والتغيير لا العجز والتمييع، فالفرص لازالت متاحة بين الأيادي، لكنها بعثرت ووزعت بغير مكانها، ووسدت لغير أهلها.

أ. جلال الدغيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top