حازم بكار
بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتزايد التكهنات حول كيفية تأثير هذا الحدث على السياسة الخارجية الأمريكية، خصوصاً في الشرق الأوسط تعد القضية السورية واحدة من أكثر الملفات تعقيداً، حيث تداخلت المصالح الدولية والإقليمية بطرق جعلت التوصل إلى حل دائم أمراً صعباً فهل يمكن أن يمثل فوز ترامب بوابة لحل القضية السورية، أم أن الأمر سيظل على حاله ومع دخول ترامب مجدداً إلى البيت الأبيض، يبدو أن استراتيجيته في الشرق الأوسط ستحمل بعض التغيرات، إلا أنها لن تخرج عن سياق المصالح الأمريكية التي تعتمد على مبدأ “أمريكا أولاً” ركز ترامب سابقاً على سحب القوات الأمريكية من مناطق النزاع مثل سوريا، معتمداً على تقليص التدخل العسكري لصالح حلول دبلوماسية واقتصادية ورغم سعيه لتقليص الدور الأمريكي العسكري في المنطقة، فإنه لم يتخلَّ عن نفوذ بلاده الذي يسعى للحفاظ على مصالحه الاستراتيجية، بما في ذلك احتواء النفوذ الإيراني والروسي
القضية السورية: عقدة المصالح
تُعتبر القضية السورية ساحة لتشابك المصالح الدولية، حيث تقف الولايات المتحدة في مواجهة روسيا وإيران الداعمتين لنظام بشار الأسد وفي ظل هذا التعقيد، يبدو أن إدارة ترامب ستكون أمام خيارين أساسيين: إما السعي للوصول إلى حل دبلوماسي يدعم الاستقرار دون إغفال مصالح حلفاء واشنطن في المنطقة، أو الاستمرار في دعم الفصائل المعارضة التي لطالما اعتمدت عليها أمريكا لتحقيق توازنات ميدانية
الحل الدبلوماسي فرصة جديدة أم لعبة قديمة؟
قد يرى البعض أن ترامب قد يلجأ إلى حلول دبلوماسية تساهم في استقرار سوريا، لكن السؤال يبقى حول مدى فعالية هذه الحلول في ظل الأوضاع الراهنة قد يُحاول ترامب إعادة إحياء مسار تفاوضي يشمل الأطراف السورية والإقليمية الفاعلة، سعياً لإيجاد صيغة توازن بين بقاء النظام واستمرار وجود المعارضة إلا أن هذه الخطوات ستكون محفوفة بالمخاطر ومع وجود روسيا القوي في سوريا يشكل تحدياً للسياسات الأمريكية، ومع توطيد العلاقات بين موسكو ودمشق، قد تجد إدارة ترامب نفسها مضطرة للتعامل مع روسيا كشريك دبلوماسي ولكن، يظل التحدي في كيفية تحقيق هذا التعاون دون الإخلال بمصالح حلفاء أمريكا في المنطقة؛ إذ إن النظام السوري وحلفاءه يصرّون على بقاء السلطة، فيما لا تزال المعارضة تسعى نحو تغييرات جذرية
سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط: الأولويات والتحديات
في فترة رئاسته السابقة، ركز ترامب على تقليل التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، حيث سحب قواته من مناطق عدة، بما في ذلك سوريا، وتركزت سياساته على حماية المصالح الأمريكية، ومحاربة الإرهاب دون التورط المباشر في صراعات طويلة الأمد ومع عودته إلى الحكم، قد يحافظ على هذه الاستراتيجية مع بعض التعديلات، حيث إن أولوياته ستكون داخلياً متمثلة في تعزيز الاقتصاد الأمريكي وتقليل الإنفاق العسكري في الخارج إلا أن هذا التوجه يطرح تساؤلات حول مدى التزامه بإيجاد حل للقضية السورية، خاصة إذا لم يكن هناك مصلحة أمريكية مباشرة في تلك التسوية
ومن المرجح أن نشهد سياسة أمريكية أكثر حذراً في سوريا، تعتمد على الدبلوماسية، ولكن دون إهمال القوة العسكرية عند الحاجة ومع ذلك، فإن فرص الحل الشامل قد تكون ضئيلة، ما لم تتوافر إرادة حقيقية من جميع الأطراف المعنية بالسلام يظل المستقبل غير واضح، لكن ربما يمنح فوز ترامب فرصةً جديدة لإعادة تقييم الدور الأمريكي في المنطقة وتحقيق نوع من التوازن الذي يُمكّن السوريين من التطلع نحو نهاية للصراع ومع ذلك، فإن تراجع ترامب المتوقع في دور أمريكا في الشرق الأوسط قد يجعل من الصعب فرض الحلول قد يكون للسلام فرصة، لكن يجب على ترامب أن يلتزم بتقديم تنازلات كبرى، والعمل بجدية مع حلفائه وأعدائه على حد سواء أما إذا غابت هذه الإرادة، فإن المشهد السوري قد يظل معلقاً بين حلم الاستقرار وواقع الصراع المستمر
ختاماً، يظل فوز ترامب في الانتخابات حدثاً مهماً، ولكنه ليس بالضرورة حلاً سحرياً للقضية السورية