ما تفسير ابتزاز النظام لرجال الأعمال؟ وما مسؤوليته عن هذه الممارسات؟

يعتبر رأس المال والاستثمارات الداخلية والخارجية الرافعة الحقيقية لأي اقتصاد في العالم. ولهذا تسعى الحكومات ومن باب تشجيع الاستثمار لتقديم خدمات ودعم استثنائي لرجال الأعمال. ولكن من الملاحظ أنه في سوريا يتم الضغط وابتزاز رجال الأعمال. والسؤال هنا: ما تفسير ابتزاز النظام لرجال الأعمال؟ وما مسؤوليته عن هذه الممارسات؟

 

ما أهمية الاستثمارات بالنسبة للنظام؟

تعتبر الاستثمارات ضرورة ملحة لأي اقتصاد في العالم. فالاستثمارات هي الأداة الجيدة والفعالة القادرة على النهوض بالاقتصاد. وهذا ما يبرر القول بأن أي حكومة في العالم تسعى لتنشيط الاستثمار الداخلي والخارجي. فهذا الاستثمار من شأنه تأمين الاستقرار الاقتصادي والذي بدوره ينعكس إيجاباً على الاستقرار السياسي.

 

في الحقيقة لا يمكن القول بأنه يوجد حكومة في العالم تسعى لتعطيل الاستثمارات. وهذا الأمر ينسحب على حكومة النظام في سوريا. ففي ظل الضغوط الاقتصادية الهائلة الداخلية والخارجية التي يتعرض لها والتي بلغت حد التهديد بإسقاطه تمثل الاستثمارات طوق نجاة اقتصادي له. لهذا يمكن القول بأن دعم الاستثمارات ورجال الأعمال يشكل أولوية ملحة للنظام.

 

بصفة عامة تدرك حكومة النظام ضرورة تنشيط الدورة الاقتصادية في مناطق سيطرته. ولهذا أصدرت قانون استثمار جديد بهدف دعم رجال الأعمال والتجار وتقديم خدمات مالية وتسهيلات بنكية غير مسبوقة في سوريا. وكل هذا بهدف تنشيط الدورة الاقتصادية وتخفيف العبء الاقتصادي عن النظام.

 

كيف يضغط النظام على رجال الأعمال؟

تدل الوقائع على الأرض بأن توجه النظام لدعم رجال الأعمال لم ينعكس إلا ضغطاً وابتزازاً لهم. فبالتأكيد النظام في أمس الحاجة لهم. فما السبب الذي يدفعه لابتزاز من يراهم طوق نجاة له. في الواقع النظام لا يبتز رجال الأعمال والتجار فهو -كما أسلفنا- يحتاج لهم. فمن الجهة المسؤولة عن هذه الممارسات؟ وما السبب الذي يمنع النظام من وقفها؟

 

في الواقع النظام في منتهى الضعف حالياً. فهو لا يستطيع السيطرة على الميليشيات التي صنعها بيده. فهي فعلياً خرجت عن سيطرته بدرجة كبيرة. فالأمور في مناطق سيطرته باتت أقرب لمبادئ عمل عصابات المافيات. فالأقوى هو من يفرض قوانينه.

 

إن غالبية القوى على الأرض في مناطق سيطرة النظام تسعى لتحقيق أهدافها الشخصية دون الاكتراث بمصالح الدولة السورية. وحتى بمصالح النظام ذاته. فبعض ممارسات هذه القوى تهدد النظام. من خلال زيادة الحنق الشعبي عليه حتى في بيئته الحاضنة. وهو عاجز عن لجمها.

 

تقوم الميليشيات في مناطق سيطرة النظام بفرض إتاوات على التجار ورجال الأعمال. كما تقوم بابتزازهم ومقاسمتهم أرباحهم، كذلك تقوم بمصادرة أملاك البعض منهم. وهنا لا بد من التنويه إلى أن غالبية هذه الإتاوات لا تنتهي في خزائن النظام. بل تنتهي في جيوب أمراء الحرب.

 

كيف يسعى النظام السوري لتحجيم نفوذ الميليشيات؟

كما لا بد من الاعتراف أن النظام يسعى لإعادة الحياة الاقتصادية لبعض الأسواق لا سيما في حلب. لكن ممارسات الميليشيات تعارض توجه النظام. وفي الفترة السابقة بالفعل تم إحداث خرق في الجمود الاقتصادي لكن الضغوط الممارسة من قبل الميليشيات أجهضت كل محاولات الإنعاش. وهنا يمكن القول بأن هذا الأمر سيستمر إذا لم يتم لجم الميليشيات.

 

في الواقع النظام أعجز من أن يفرض سيطرته على الميليشيات التي صنعها بيده. فتمرير السياسات الاقتصادية للنظام لن يكتب لها النجاح في ظل هذه الظروف. وهنا من الممكن أن يستعين النظام بالحليف الروسي للسيطرة على الميليشيات. وهذا الأمر إن تم سيعني مزيداً من السيطرة الروسية على الاقتصاد السوري.

 

تشكل إيران ومن خلال الميليشيات الموالية لها عامل ضغط على رجال الأعمال السوريين. فهي تسعى للتغلغل الاقتصادي في سوريا وفي حلب على وجه الخصوص. وذلك من خلال السيطرة الأمنية من خلال ميليشياتها المنتشرة في المحافظة. إضافة لفرضها ضغوطاً غير مباشرة على التجار والصناعيين بهدف تهجيرهم.

 

من جهة أخرى ترى إيران في تهجير التجار والصناعيين فرصة لها في توطين استثمارات تابعة لها. وهو ما يزيد من قبضتها الاقتصادية على سوريا. ويمنع النظام مستقبلاً من التفكير في التخلي عنها في إطار أي صفقة إقليمية.

 

من الواضح أن سياسات إيران الاقتصادية تتعارض مع مصالح النظام. فعلى الرغم من تفاهمهم السياسي فهم مختلفون اقتصادياً. وهذا الاختلاف من شأنه إرهاق النظام وزيادة الضغوط الاقتصادية الداخلية والخارجية عليه. وهو ما يعزز القول بأن لإيران مصالحها الخاصة في سوريا دون اكتراث بمصالح الدولة السورية أو حتى بمصالح حليفها والممثل بالنظام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top