Search

معركة ردع العدوان وفجر الحرية: قراءة ميدانية وسياسية

بقلم الطاهر قربون

شكلت الثورة السورية، الممتدة لأكثر من عقد، محطة اختبار مستمرة لصمود الشعب السوري وقدرته على مواجهة آلة الاستبداد والقمع. وفي ظل التغيرات السياسية والميدانية المتسارعة، جاءت معركتا ردع العدوان وفجر الحرية لتسجلا لحظة تحول فارقة، ولتؤكدا أن القوى الثورية ما زالت قادرة على تحقيق إنجازات ملموسة تعيد الأمل بمستقبل أفضل.

المحاور الميدانية لمعركة ردع العدوان

انطلقت معركة “ردع العدوان” في 27 نوفمبر 2024، بقيادة إدارة العمليات العسكرية التي اعتمدت تكتيكات مدروسة ومباغتة. اليوم الأول شهد تقدمًا كبيرًا على محور غرب حلب، حيث استُعيدت السيطرة على 18 قرية، ما عزز تموضع القوات الثورية على الأرض.

في اليوم الثاني، اتجهت العمليات نحو محور سراقب في إدلب، وهو محور استراتيجي نظرًا لموقعه الحيوي على الطريق الدولي M5 الرابط بين دمشق وحلب. تمكنت القوات من تحرير أكثر من 50 بلدة وقرية، ونجحت في قطع هذا الشريان الاقتصادي والعسكري للنظام، ما أدى إلى إرباك قواته وشل خطوط إمدادها.

في 30 نوفمبر، أُعلنت السيطرة الكاملة على مدينة سراقب بعد معارك شرسة مع ميليشيات النظام وحلفائه. بالتزامن، توسعت العمليات لتشمل مدينة معرة النعمان وريفها، ومدينة خان شيخون وصولاً إلى مورك شمال حماة. كما جرى التوغل جنوب جبل الزاوية، حيث انسحبت ميليشيات النظام والميليشيات الإيرانية أمام التقدم السريع للقوات الثورية. على الصعيد ذاته، شهدت أحياء مدينة حلب معارك حاسمة انتهت بانسحاب قوات النظام وميليشياته الإيرانية، وتسليمها بعض المناطق لميليشيات PKK/PYD، في خطوة عكست حالة التخبط وفقدان السيطرة داخل معسكر النظام وحلفائه.

معركة فجر الحرية: استمرار الزخم الثوري

في 1 ديسمبر، انطلقت معركة “فجر الحرية”، بقيادة الجيش الوطني السوري، لتحرير مدينة تل رفعت والمناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات PKK/PYD الإرهابية. بالتزامن، استمرت القوات الثورية في تطهير أحياء مدينة حلب، مع تحقيق تقدم ملموس في ريفها الشرقي. كما شملت العمليات اقتحام عدة بلدات وقرى، مما عزز موقع القوى الثورية في مواجهة النظام وميليشياته.

الأهداف الإنسانية والعسكرية

  1. معركة ردع العدوان:
  2. استعادة الأراضي المسلوبة، خاصة في غرب حلب وسراقب.
  3. كسر خطوط الإمداد الاستراتيجية للنظام، مما أسفر عن تقويض قدرته العسكرية.
  4. تأمين عودة النازحين الذين أجبروا على مغادرة منازلهم بسبب القصف.
  5. تحقيق وحدة الأراضي السورية وإنهاء الاحتلال والاستبداد.
  6. معركة فجر الحرية:
  7. تحرير المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات PKK/PYD.
  8. تحقيق وحدة الأراضي السورية وإنهاء الاحتلال والاستبداد.
  9. حماية المدنيين وضمان سلامتهم.
  10. مواصلة الثورة السورية لتحقيق أهدافها الكبرى.

الدلالات السياسية والعسكرية

معركة “ردع العدوان” و”فجر الحرية” كشفتا النقاب عن واقع النظام السوري الحقيقي، الذي يعاني من انهيار شبه كامل في بنيته العسكرية واللوجستية. وعلى الرغم من الغارات الجوية المكثفة التي نفذتها قوات النظام والطيران الروسي، تجاوز عددها 60 غارة خلال يومين، فإن التخبط الواضح في إدارة العمليات العسكرية للنظام فضح هشاشته الميدانية واعتماده المفرط على الدعم الخارجي.

روسيا، التي تعتبر الداعم الأساسي للنظام، أظهرت تراجعًا واضحًا في حضورها العسكري بسوريا، بسبب انشغالها في حربها بأوكرانيا. هذا التراجع انعكس على قدرتها على توفير الدعم اللوجستي للنظام، ما تركه مكشوفًا أمام ضربات القوات الثورية. في الوقت نفسه، تعاني إيران من تحديات إقليمية ودولية دفعتها إلى تقليص دعمها للنظام السوري، مما أضعف ميليشياتها المحلية.

على الجانب الآخر، أظهرت الفصائل الثورية قدرة كبيرة على استغلال هذا الضعف لتحقيق تقدم ملموس على الأرض. السيناريوهات باتت مفتوحة، فالنظام يفتقد القدرة على إعادة السيطرة على المناطق التي فقدها، بينما تستمر الفصائل الثورية في تمددها دون أي مؤشرات على التوقف.

ما يميز هذه المرحلة هو أن الثورة باتت أكثر تنظيمًا، حيث تعتمد على خطط عسكرية محكمة وأهداف إنسانية واضحة، ما يزيد من زخمها ويكسبها دعمًا شعبيًا محليًا ودوليًا.

الخاتمة

في ظل هذا الزخم، يظهر بوضوح العجز الكبير في إدراك الخلل الداخلي للنظام، مع تراجع قدراته العسكرية واقترابه من الانهيار الكامل. التمدد العسكري للنظام لا يبدو أنه سيقف عند حد معين، مما يجعل جميع السيناريوهات مفتوحة. أما الروس، فيبدو تخبطهم واضحًا، مع تركيزهم على ساحات أخرى، وتقليص وجودهم العسكري الكافي في سوريا.

كما إن معركتا “ردع العدوان” و”فجر الحرية” ليستا مجرد إنجازات عسكرية، بل هما تأكيد على أن الثورة السورية قادرة على إعادة تشكيل المشهد الميداني والسياسي. الانتصارات المحققة تعكس إرادة صلبة لدى القوى الثورية وإصرارًا على تحقيق أهداف الشعب السوري في الحرية والكرامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top