الهرم يبنى من الأسفل

في أحيان كثيرة يتمحور الخلاف بين المصلحين والثائرين حول أولويات العمل و أشعر أن الثورة السورية تعاني من هذه المشكلة حيث نجد أن الكثير من النقاش والجدال يدور حول مستقبل سورية على مستوى الدستور والهوية و طبيعة العلاقة بين المكونات وحول الحكم المركزي والفيدرالي… في الوقت الذي يئن فيه المهجَّرون السوريون من شظف العيش والبطالة وحرمان أبنائهم من التعليم… وفي الوقت الذي تخرج فيه أوراق القضية من أيدي السوريين ورقة بعد ورقة مع بالغ الأسى والأسف !
إن الثورة السورية اليوم من غير عنوان مدعوم بما يكفي من قبل جماهيرها ومن غير قيادة حقيقية لها بل إن قادة الثورة والمعارضة لم ينجزوا وثيقة وطنية تؤطر مطالبهم وتطلعاتهم وتوحد خطوات تحركهم وهذا سيدفع العالم دون ريب إلى تجميد الحالة السورية وإبقائها على حالها أو تكريس بقاء النظام إلى أجل غير مسمى.
إن المطلوب منا هو أن نبدأ ببناء قاعدة الهرم والتي تتمثل في بلورة تفاهمات عامة تقوم على ما هو مشترك بين جميع الثائرين من نحو الخلاص من نظام الفساد والاستبداد وتساوي جميع المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات والتداول السلمي على السلطة وتحرير القرار الوطني من التبعية للخارج…
حين يتم تحقيق هذا على الأرض وفي الواقع ونعمق الشعور الوطني الجامع يمكن لنا أن نتحدث عن الهويات وخصوصيات المكونات وأمور من هذا القبيل في أحضان دولة آمنة ومستقرة.
أنا لا أقول: إن الحوار في هذه المسائل مؤجل على نحو مطلق ولكنني أقول: إنه لا يجوز له أن يصرفنا أو يعوقنا عن مساعي التحرر الوطني ووحدة الكلمة.
إن ملايين السوريين يعانون أشد المعاناة وينتظرون المبادرات الشجاعة من القادة الذين تزعموا المشهد الثوري منذ البداية عسى أن يتغير الحال وتحقق الثورة أهدافها.
إن الزعيم الثائر حين يجلس في بيته يشبه ربان سفينة كبيرة تركها في عُرض البحر وركب زورقا صغيرا ومضى إلى شأنه غير شاعر بأي مسؤولية أخلاقية أو أدبية تجاه المعذبين من مؤيدي الثورة وداعميها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top