هل بالفعل سينهار الاقتصاد التركي إذا غادر السوريون؟

هل بالفعل سينهار الاقتصاد التركي إذا غادر السوريون؟

 

عانى السوريون في مختلف بيئات اللجوء -وإن بدرجات متفاوتة- من حملات تنمّر تستهدف أثرهم على اقتصاد دول اللجوء. فصُوِّر السوريون على أنهم سبب في تراجع المؤشرات الاقتصادية وأن وجودهم عالة على المجتمعات المضيفة. إلا أن بعض التصريحات الرسمية من تركيا وغيرها تُفنّد هذه الادعاءات. والسؤال هنا: هل بالفعل سينهار الاقتصاد التركي إذا غادر السوريون؟

 

ما حقيقة الأثر الاقتصادي الذي حقّقه السوريون في تركيا؟

في الواقع إن الوقوف على حقيقة الأثر الاقتصادي الذي حقّقه السوريون في تركيا -سواء أكان إيجابياً أو سلبياً- يتطلب الحكم الموضوعي. بعيداً عن أي عواطف أو انتماءات سياسية أو ثقافية. فالحكم يجب أن يستند على الحقائق والأرقام حتى يكون صحيحاً وموضوعياً.

 

في الحقيقة يحاول المتعصبون ضد الوجود السوري تصوير اللجوء السوري على أنه سلبي من حيث الأثر. والمتعاطفون معهم يسعون لتصويره على أنه إيجابي. وهنا لا بد من التجرد من العواطف والانتماءات والحكم على الأثر الحقيقي للسوريين بمنهج علمي قويم.

 

تقول دراسات تركية عدة حكومية ومستقلة بأن الأثر الاقتصادي للسوريين إيجابي على الاقتصاد التركي الكلي والجزئي. ففي دراسة أعدتها غرف التجارة والصناعة التركية بينت أن السوريين وحتى مطلع 2018م أسسوا أكثر من 10 آلاف شركة في تركيا. وتتقاطع هذه النتائج مع أبحاث مؤسسة البحوث الاقتصادية TEPAV.

 

أكدت  دراسة أعدتها مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية أن 55.4% من الشركات السورية العاملة في تركيا تصدر إنتاجها إلى الخارج. فهي تساهم بشكل مباشر في توفير العملة الأجنبية للاقتصاد التركي. وبالتالي تساهم في دعم الليرة التركية.

 

تقدر نسبة الشركات السورية في تركيا مقارنة بالشركات الأجنبية العاملة في البلاد بـ 2.4%. وهي نسبة جيدة. وتقدر القيمة السوقية لهذه الشركات بـ 3,5 مليار دولار. كما أن إنتاج هذه الشركات ومساهمتها في الناتج المحلي التركي الإجمالي يعتبر داعماً مهماً للاقتصاد التركي.

 

لكن وجود أكثر من 3 ملايين سوري في تركيا ساهم في تكليف الحكومة التركية أعباء إضافية وساهم في استهلاك البنى التحتية. غير أنه من جهة أخرى ساهم بشكل مباشر في تعزيز الطلب الكلي في الاقتصاد التركي. ولا شك أن تحفيز الطلب الكلي يعتبر حجر الأساس في تنشيط أي اقتصاد.

 

ما حجم مساهمة السوريين في غازي عينتاب؟

إن العمال السوريين في ولاية غازي عينتاب يشكّلون 50% من إجمالي اليد العاملة في الولاية. بمعنى أنهم المسؤولون عن نصف الإنتاج الاقتصادي. هذا من حيث العمالة العادية. ومن جهة أخرى فإن للمستثمرين السوريين في غازي عينتاب أثراً اقتصادياً واضحاً من خلال المصانع والورش التي تم افتتاحها.

 

تشير بعض التقارير إلى أن السوريين يساهمون في الاقتصاد التركي بنصف مليار دولار سنوياً.  وأكّد البنك المركزي التركي أنه كلما ازداد عدد السوريين بالنسبة للأتراك بنسبة 10% فإن مبيعات الشركات التركية تزداد بنسبة 4%. وهذا بسبب زيادة الطلب الكلي في الاقتصاد التركي نتيجة زيادة عدد السكان.

 

هل هناك اعتراف بأثر السوريين الاقتصادي؟

على الرغم من الأثر الاقتصادي الإيجابي الذي أوجده اللجوء السوري في تركيا وغيرها. إلا أنه من النادر الاعتراف بهذا الأثر الإيجابي. بل ترتفع نِسَب التنمّر ضد السوريين في بيئات اللجوء المختلفة. ناهيك عن أن السوريين يحصلون على أجور متدنية في ظروف عمل قاسية لا تتناسب مع حجم إنجازاتهم.

 

لعل من الدلائل الواضحة على الأثر الاقتصادي الإيجابي للسوريين في تركيا التصريح الأخير لـ “ياسين أكتاي” مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية. والذي قال بأن الاقتصاد التركي سينهار في حال غادر السوريون تركيا.

 

قد يظن البعض أن هذا التصريح به شيء من المغالاة. إلا أن الأرقام والإحصائيات تدعم هذا الطرح. فالسوريون باتوا جزءاً أصيلاً من الاقتصاد التركي. فغيابهم يعني تراجع الطلب الكلي. وخروج 10 آلاف شركة من تركيا فوراً. ومغادرة 3.5 مليار دولار في لحظة. وهذا سيكون صدمة قاسية للاقتصاد التركي.

 

إن التركيز على بعض الآثار السلبية التي سبّبها الوجود السوري في تركيا يطغى وبشكل واضح على الآثار الإيجابية. فقلما نجد تركيزاً في وسائل الإعلام أو في التقارير العلمية والصحفية على الأثر الإيجابي للسوريين. مع العلم أن هذا التركيز ليس منّةً ولا فضلاً بل هو وصف للواقع ليس إلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top