شهدت قيمة اليورو تراجُعاً واضحاً أمام الدولار؛ حيث خَسر خلال العام الحالي 11.5% من قيمته. ويأتي هذا التَّراجُع لسببين رئيسين: الأوَّل: ارتفاع مُؤشِّر الدولار، والذي بلغ 109 عقب الزِّيادات المُتكرِّرة لسعر الفائدة الأمريكيّ. والثاني تأخُّر المركزيّ الأوروبيّ في رَفْع سعر الفائدة. إضافةً للضُّغوط الاقتصاديَّة في أوروبا؛ نتيجة الحرب الرُّوسيَّة الأوكرانيَّة.
كما أنَّ قوَّة الدولار دفعت العديد من حائزي اليورو إلى استبداله بالدولار، والاستثمار في السَّندات الأمريكيَّة بعد ارتفاع مُعدَّل عائدها؛ فبلغ مُعدَّل العائد على السَّندات أكثر من 3%، وهو ما يُشكِّل ضِعْف المُعدَّل في أوروبا، وهذا الأمر عَزَّز من الضُّغُوط على اليورو.
الفجوة بين قيمة اليورو والعملات الأخرى
في حال رفع أسعار الفائدة من المركزيّ الأوروبيّ بنسبة أقلّ من نَظيره الأمريكيّ؛ سوف تتَّسع الفَجْوَة بين العُملتين، ومع استمرار أمَد الحرب في أوكرانيا، والتَّهديدات المُتزايدَة بقَطْع الغَاز الرُّوسيّ عن أوروبا؛ سيستمرّ تراجُع اليورو، وسيرتفع التَّضخُّم؛ ما يُشكِّل خطراً على النُّمُوّ الاقتصاديّ في أوروبا.
في الحقيقة إنَّ أكبر الخاسرين من سقوط اليورو هم المُستهلكون بأوروبا؛ حيث ستتراجع القيمة الشِّرائيَّة لدُخُولهم ومُدَّخَراتهم. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السِّلع المستورَدة، وهو ما يساهم في زيادة التَّضخُّم، ويُنذِر بتباطؤ التِّجارة العالميَّة، ويزيد من مخاوف الرُّكُود.
أقراأيضا: تخفيض قيمة العُمْلَة المَحَلِّيَّة.. هل يُحفِّز مُؤشِّرات النُّمُوّ الاقتصادي؟ نعم.. ولكن بشروط
أمَّا المستفيدون فَهُم السُّيَّاح القادمون لمنطقة اليورو؛ فمع ارتفاع الدولار مقابل اليورو وزيادة القُوَّة الشِّرائيَّة للدولار مقابل اليورو؛ سيميل السُّيّاح الأجانب إلى الإنفاق. كما سيحصل التَّصدير على فرصة للازدهار، ولكنَّ فُرَص استفادة الصِّادرات محدودة في ظلّ ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع سعر الغاز.
الكاتب: د. يحيى السيد عمر