يحيى السيد عمر
افتتاح مَعْبر أبو الزندين يبدو أنه خطوة أُولى على مسار طويل بين تركيا والنظام السوري، وهو نتيجة تفاهُمات أوليَّة بين الجانبين برعاية روسيَّة، وهو دليلٌ على جدّيَّة تركيا في تطبيع العلاقات مع النظام، لكنَّ الدلالة السياسيَّة لافتتاح المَعْبر تتجاوز بكثير الدلالة أو الأهداف الاقتصاديَّة.
أهداف القرار بين المُعلَن والحقيقي
الأهداف المُعلَنة لقرار افتتاح المعبر تتركَّز حول الأهداف الاقتصاديَّة، وأنها لإنعاش الحركة الاقتصاديَّة على جانبي المعبر، لكنَّ هذا الهدف غير دقيق، فالهدف الرئيس غير الُمعلَن هو هدف سياسي وليس اقتصادياً. فالحركة التجاريَّة عَبْر هذا المعبر وغيره كانت موجودة سابقاً، لكن ليس بصيغة مُعلَنة ولا رسميَّة، بل كانت تتم في سياق عمليات التهريب. بمعنى أن افتتاح المعبر لن يُقدّم منفعة اقتصاديَّة جديدة. فالأثر الاقتصادي المتوقَّع من فَتح المَعْبر محدود نسبياً، والأثر والدلالة السياسيَّة له تَفُوق الأثر الاقتصادي.
ولعل أبرز المتضرِّرين من هذا القرار هي الفصائل المسلّحة في الشمال السوري التي كانت تُدير عمليات التهريب، والميليشيات المسلحة من جانب النظام؛ فهذه الأطراف كانت مستفيدةً من المعبر. عموماً قد يستفيد المُنتِجون على جانبي المعبر، وخاصةً المزارعين من خلال تصدير الفائض الزراعي من مناطق سيطرة المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام وبالعكس، وفي حال تم السماح بعبور المدنيين، قد يكون للمعبر أثر إنساني من خلال التواصُل بين الأُسَر السُّوريَّة على جانبي المعبر.
أما بالنسبة للمعارضة فالأثر الاقتصادي محدود؛ حيث إن التعامل التجاري الأهم هو مع تركيا، وبالنسبة للنظام لا توجد منفعة كبرى، إلا إذا تمَّت الاستفادة من المعبر لنقل النفط من مناطق “قسد” إلى مناطق سيطرة النظام، وهذا أمر مُستبعَد حالياً.
عموماً القرار يمكن وَصْفه بالسياسي، وأنه جاء كاختبار نوايا بين تركيا والنظام السوري، فالبيئة السياسيَّة في المعارضة وفي النظام، والتي تتمثَّل بالعداء بين الطرفين، لا تُعدّ داعمةً لأيّ نشاط اقتصادي حقيقي، وهذا يظهر من خلال الاحتجاجات الشعبيَّة في مناطق سيطرة المعارضة، والتي تحتجّ على فتح المَعْبر، والأمر متوقَّف على القدرة على دَفْع المفاوضات بين النظام وتركيا إلى الأمام.
الدور الروسي في افتتاح المعبر
تدفع روسيا بقوة باتجاه تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، لكن يبدو أن هناك عقبات عديدة قد تمنع هذا التطبيع أو تُؤجّله، فعلى الرغم من التصريحات العديدة حول التطبيع لم يتم إحراز أيّ تقدُّم، خاصةً في ظل العديد من الملفات العالقة والشائكة، لذلك كان افتتاح المعبر بمثابة أداة لاختبار النوايا، ومحاولة روسيَّة لطمأنة الجانبين.
عموماً فرص نجاح هذا القرار مرهونة بعدة عوامل؛ منها جديَّة كلٍّ من تركيا والنظام السوري، والموقف الشعبي في مناطق سيطرة المعارَضة، ففي حال استمرار الرفض الشعبي قد يُفتَتح المعبر، لكنّه سيكون شبه مُغلَق نتيجة عَرقلة الحركة عَبْره.