لقاء مع الخبير الاقتصادي كرم الشعار
تاريخ العقوبات
بدأ فرض العقوبات الأمريكية على سوريا في عام 1979م عندما صنفت الولايات المتحدة سوريا كدولة راعية للإرهاب. ومنذ ذلك الحين، تزايدت العقوبات تدريجياً مع تزايد التوترات بين البلدين. وبحلول عام 2011، ومع بدء الثورة في سوريا، تم تشديد العقوبات بشكل كبير ضد الحكومة النظام السابق والأفراد المرتبطين بها.
أنواع العقوبات
تشمل العقوبات الأمريكية على سوريا مجموعة واسعة من التدابير الاقتصادية والسياسية. تتضمن هذه العقوبات تجميد الأصول، وحظر التعاملات المالية والتجارية، ومنع تصدير المنتجات الأمريكية إلى سوريا، وتقييد السفر للأفراد المرتبطين بالحكومة السورية. وبالإضافة إلى ذلك، هناك عقوبات تستهدف قطاعات معينة مثل النفط والغاز، والتكنولوجيا، والقطاع المالي.
طبيعة العقوبات ضد مصرف سورية المركزي
تشمل العقوبات المفروضة على مصرف سورية المركزي مجموعة من التدابير المالية والاقتصادية التي تهدف إلى عزل المصرف عن النظام المصرفي العالمي. في عام 2012، أصدر الرئيس الأمريكي أمرًا تنفيذيًا بتجميد الأصول المالية للمصرف المركزي السوري، ومنع أي تعاملات مالية معه. تهدف هذه العقوبات إلى قطع التمويل عن الحكومة السورية ومنعها من الوصول إلى العملات الأجنبية التي تحتاجها لاستمرار العمليات الحكومية. وفي عام 2019م ضمن تشريعات قانون قيصر كانت العقوبات الأكبر ضد المصرف المركزي التي تحد من قدرت البنك المصرفي على الوصول أو الاتصال المباشر بنظام اتصال سويفت (SWIFT ).
تأثير العقوبات على التنمية:
لقد أدت العقوبات الأمريكية على سوريا إلى تأثيرات سلبية كبيرة على التنمية الاقتصادية. إذ تسببت هذه العقوبات في تجميد الأصول ومنع التعاملات المالية والتجارية، مما أعاق وصول الحكومة إلى العملات الأجنبية. كما استهدفت قطاعات حيوية مثل النفط والغاز، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاستثمارات والإنتاج في هذه المجالات، وتعثر القطاعات المالية والتكنولوجية، مما أثر بخسائر كبيرة على النمو الاقتصادي.
وبهدف فهم تأثير العقوبات الامريكية ضد مصرف سوريا المركزي على التنمية، قمنا بمقابلة خبير من ثلاثة أسئلة مع “د. كرم الشعار”
د.كرم الشعار:باحث مختصُ في الاقتصاد السياسي ،مقيم في نيوزيلند، مستشار مجموعة البنك الدولي، مدير شركة كرم شعار للأستشارات، باحث غير مقييم في معهد نيولاينز وذلك من خلال الاتصال الصوتي.
السؤال الأول:
ما هي الإجراءات العقابية الاكثر تأثير على أطلاق مسار التنمية في سوريا؟ تجميد الأصول أو الاخراج من نظام سويفت؟
بالمقارنة بين السلوكين، لا تأثير قوي لتجميد أصول البنك المركزي على التنمية ولكن الاتصال بنظام سويفت هي المشكلة الأساسية في العقوبات. حيث تمنع تلك العقوبات المصرف المركزي السوري من لعب دوره الأساسي في النظام المالي ” كمؤسسة منظمة للعلاقات المالية بين البنوك الوطنية والخاص المحلية منها والدولية ” و حيث تعيق العقوبات الحركة السلسة للأموال و الموارد المالية المقدمة من جهات دولية أو حتى بين الأفراد والشركات التجارية.
ذلك تعتبر العقوبات العائق الحاجز الأكبر أمام الانتقال من التعافي الأقتصادي إلى التنمية المستدمة.
السؤال الثاني:
ما مدى أعاقة العقوبات على البنك المركزي السوري لعملية التنمية في حالة استمرارها؟
يعتبر تأثير العقوبات الأمريكي متوسط إلى عميق المدى، ولكنها ليست العقبة الأكثر تأثير في مسار التنمية.
حيث يعتبر طبيعة النظام المالي السوري – مدى إلتزامه بمعايير الشفافية و قواعد الامتثال المالي المصرفي- التحدي الأكبر أمام مسار التنمية، حيث تقع سوريا على القائمة الفضية لمجموعة المالية ( FITF). وينعكس غياب الامتثال للقواعد على ضعف الأعتماد على النظام المصرفي السوري، ويسمح لنمو نظام مالي بديل ” نظام الحوالات المالية”. مما يشكل تحدي طويل الأجل أمام مسار التنمية.
أما بالعودة للعقوبات التي يمكن أن تسهم المفاوضات والجهود الدبلوماسية برفعها، لكنها لا تعتبرها تحدي طويل الأجل.
السؤال الثالث:
ما هو المسار المالي البديل المناسب لدعم مسار التنمية في حالة أستمرار العقوبات الامريكية على المصرف؟
يبدو مسار التفاوض حول العقوبات مسار جيداً واستراتيجي لكنه طويل ومعقد، فحتى الان يمكن تقييم العقوبات الامريكية والاوربية المرفوعة على أنها شكلية ومحدودة التأثير، لذلك من الأفضل لتقدم مسار التنمية البحث عن بدائل كالتعامل بالعملات الرقمية والالتزام الفعلي بشروط مجموعة الامتثال المالي وذلك لضمان الوصول إلى نظام مالي فاعلاً مقبول.
ختاما: تعتبر العقوبات الامريكية والأوربية المفروض على مصرف سورية المركزي جزء من التحديات التي تقف أمام مسار التنمية، لكنها ليست العامل الحاسم فالعمل على تغيير قواعد وسياسات النظام المالي ورفع تقييم المؤسسات المالية وضمان حؤكمة شفافة وعادلة للمؤسسات هي التحدي الأهم.
- نظام سويفت(SWIFT ): سويفت” اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications)، وهي منظمة تعاونية لا تهدف للربح تقوم بتقديم خدمة المراسلات الخاصة بالمدفوعات المالية على مستوى عالٍ من الكفاءة وبتكلفة مناسبةويعتبر النظام الأكثر اعتمادية للأتصال بين البنوك في العالم.
- مجموعة (FITF):
(بالإنجليزية: Financial Action Task Force) (ويختصر: فاتف “FATF”)، هي منظمة حكومية دولية مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، أسست سنة 1989م بمبادرة من مجموعة الدول الصناعية السبع. تعمل المجموعة على سن المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح. ويذكر أن موضوع تمويل الإرهاب أضيف إلى قائمة أهداف المجموعة في عام 2001 بعيد هجمات 11 سبتمبر. كما تقوم المجموعة بتقييم مدى التزام الدول بتلك المعايير.
- مسار التنمية الأقتصادي:يقصد به المسار الذي تسلكه عملية الأنتقال من الأنعاش الأقتصادي المبكر والتعافي إلى عملية أنشاء نظام أقتصادي قوي وفاعل.