دور تركيا في ليبيا والمكاسب الاقتصادية
هناك اهتمام تركي في ليبيا ، يعود إلى ما قبل اندلاع الثورة الليبية عام 2011م من خلال تعزيز مصالحها الاقتصادية ؛ إذ فازت تركيا بنصيب كبير من عقود البناء عام 2010م ، وقام المستثمرون الأتراك بضخ مليارات الدولارات في قطاع البناء ، وشاركت شركات الأعمال التركية في نحو 304 عقود تجارية في البلاد
وفي الوقت الراهن تمتلك تركيا علاقات قوية مع حكومة الوفاق المسيطرة على العاصمة طرابلس ، وهي تسعى لتسخير هذه العلاقة لدعم اقتصادها، ويمكن ذلك بشكل كبير من خلال الشركات التركية التي تعمل منذ فترة طويلة في ليبيا عند إعادة إعمار هذا البلد الغني بالنفط .
وقد قّعت الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطني ، في 27 تشرين الثاني 2019م ، مذكّرة تفاهم بشأن السيادة على المناطق البحرية في البحر الأبيض المتوسط ، بعد أن أثبتت المسوحات الجيولوجية وجود مخزون هائل من النفط والغاز، ما بيّن أنّ هدف تركيا من المذكّرة يتجاوز الأوضاع في ليبيا إلى مسألة التواجد في المتوسط .
وما أن تقدّمت حكومة الوفاق بطلب رسمي ؛ للحصول على دعم عسكري تركي “جوي وبحري وبري” ضد خصومها في بنغازي ، حتى جاء الرد التركي سريعًا ، عندما أكّد الرئيس أردوغان بأنّ بلاده سترسل قوات إلى ليبيا ، بناءً على طلب منها ، بعد موافقة البرلمان التركي .
ودعم تركيا هذا لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس – المعترف بها دولياً – يضعها على رأس القائمة ؛ لتقديم عطاءات لعقود بمليارات الدولارات .
كما أن رجال الأعمال الأتراك يتطلعون للعب دور رئيس في إعادة بناء الدولة الغنية بالنفط .
والذي ساعد أنقرة على كسب ثقة حكومة الوفاق الوطني هو : “الدعم العسكري ، والسياسي” الذي قدمته ، وخاصة في رد قوات حفتر، حين كانت حكومة الوفاق الوطني في أضعف حالاتها .
وهذا ما يعطي دفعة للاقتصاد التركي – الذي هو في أمسِّ الحاجة إليها الآن – الذي يشهد تراجعاً في قيمة الليرة التركية وانكماشاً ؛ بسبب جائحة فيروس كورونا .
وهناك بعض المعلومات بأن الحكومة الليبية أودعت مليارات الدولارات في المصارف التركية ، مما يساهم بدرجة قوية في دعم الاقتصادي التركي ، نتيجة الرصيد من الاحتياطي للقطع الأجنبية .
وكذلك سيحقق الاقتصاد التركي دفعة إضافية بمجرد أن تبدأ الشركات التركية العمل في ليبيا .
وكذلك تحرص تركيا على التعاون مع الدولة الليبية في مجال إمدادها بالطاقة.
وقد تقدمت شركة النفط التركية للبترول بطلب ؛ للحصول على تصاريح للتنقيب عن الغاز داخل المياه الإقليمية في ليبيا ، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع قبرص واليونان في الفترة الأخيرة .
كما قامت تركيا وليبيا بتوقيع مذكّرة للتعاون الأمني ، شملت التدريب العسكري ، والهجرة غير النظامية ، واللوجستيات ، والخرائط ، والتخطيط العسكري ، ونقل الخبرات .
كل ذلك يجري مع تنافس دولي وإقليمي على لعب دور أكبر في المعادلة الليبية ، لاسيما الدول القريبة من المتوسط ، وخاصة فرنسا .
فتدخل تركيا في ليبيا – أرى أنه – في الدرجة الأولى تدخل سياسي ، ينبع من مبادئ معينة ، تؤمن بها الحكومة التركية تجاه الوضع في ليبيا ، وبالدرجة الثانية مكاسب استراتيجية واقتصادية كبيرة ستحصل عليها نتيجة هذا الدعم .
الكاتب : أحمد الذياب .