مظاهرات السويداء المستمرة.. النساء يُعدن سيرة حرية سورية ورفض الاستبداد

مظاهرات السويداء المستمرة.. النساء يُعدن سيرة حرية سورية ورفض الاستبداد

المجتمع الذي يميّز بين رجاله ونسائه على مستوى المشاركة العامة، هو مجتمع تُهدر فيه طاقاته الحيوية في التنمية والتطور، أي أن الشأن العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي هو شأن مجتمعي، شأن رجال هذا المجتمع وشأن نسائه وهذا التمييز لم يظهر في انتفاضة محافظة السويداء السلمية، إذ ومنذ بداية مظاهرات السويداء وقفت النساء جنباً إلى جنبٍ مع الرجال في هذه الانتفاضة السلمية الحضارية.

لم تغب عن أذهان نساء السويداء أن الحرية لا تتجزّأ، وأن حرية الفرد رجلاً كان أم امرأة مرتبطة بالضرورة بحريات المجتمع السوري بكل مكوناته ومناطقه، فإذا كانت الحقوق السياسية للسوريين مختطفةً من قبل نظام الاستبداد، فكيف يمكن أن يكون الرجال أو النساء أحراراً؟

حرية المرأة السورية مرتبطة بسقوط نظام الاستبداد

إن حرية المرأة في المجتمع السوري وجدتها نساء السويداء مرتبطة بسقوط نظام الاستبداد، إذ إن نظاماً كهذا، لا يمكن أن يسمح بالمساواة الإنسانية بصورة عامة، حيث يقوم بناؤه على مبدأ (فرّق بين المكونات لتسد)، فكيف إذاً سيقبل بمساواة بين الجنسين على صعيد الشأن العام الوطني وتحقيق التنمية الشاملة العادلة؟

لقد تقدمت إحدى المتظاهرات في السويداء وخاطبت سكّان محافظتها وباقي السوريين قائلة: نحن نتظاهر ليس لأننا جوعى، بل لأننا نريد كرامة وطنية وحريات سياسية حقيقية. موضحةً أن السويداء أرض خير طيلة تاريخها.

هذا الوعي النسائي يكشف عن وعي اجتماعي متقدم، فالنساء في هذه المحافظة يرفضن التمييز بين الرجال والنساء الذي مارسه نظام الاستبداد طوال عهده القهري، وبالتالي هو وعي يُدرك أن مهمة بناء سورية الجديدة ليست مهمة بالرجال فقط، بل هي مهمة كل إنسان سوري يحيا على التراب السوري.

سورية الجديدة، لا معنى لها بدون دستور وطني، يلغي التمييز في الحقوق والواجبات بين مواطنيه من الجنسين، وهو بالتالي “أي الدستور” يمنح أفراده فرصاً متساوية في بناء المجتمع والدولة وقيادتها وتطوير اقتصادها، وهذا كشفته مظاهرات السويداء بصورة شفّافة.

شاهد لقاء: انتفاضة السويداء قيامة سورية

مظاهرات السويداء رسالة إلى السوريات والسوريين

إن الحضور الكثيف لنساء السويداء في المظاهرات السلمية في محافظتهن يبعث برسائل إلى كل السوريات والسوريين، بأن الحريات السياسية والاجتماعية والفكرية ليست شأناً خاصاً بالرجل، بل هي شأنٌ يخصّ كل إنسان سوري بلا تمييز على أساس الجنس.

هذا الحضور النسائي الكبير له دلالاته، التي تُظهر عمق الوعي السياسي والاجتماعي لدى نساء السويداء بصورة خاصة، كما أظهرته المظاهرات السلمية في محافظات سورية الأخرى في بدايات الثورة.

العالم الذي رأى ولا يزال يرى عبر شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي مظاهرات السويداء السلمية ومطالبها، وقف باحترام وتقدير أمام إدراك المتظاهرات والمتظاهرين لجوهر وقيمة التعبير عن الرأي بهذه الصورة المتقدمة، فالنسوة إلى جانب الرجال، رفعن مطالب الناس من الجنسين، هذه المطالب كانت صريحة وواضحة من خلال اليافطات المرفوعة بيد النساء أو الرجال، وقد تركّزت هذه المطالب على ضرورة تنفيذ القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وأهمية رحيل نظام أسد الاستبدادي عن حكم سورية، هذا النظام تمّ توثيق ارتكابه لجرائم كبرى بحق السوريين، مثل قصف وتدمير المنازل والبنى التحتية على رؤوس المدنيين العُزّل.

مظاهرات السويداء وكذبة حماية الأقليات

نظام الأسد الذي أرعبته مظاهرات السويداء وكشفت كذبه على أنه حامٍ للأقليات، وقف عاجزاً أمامها، فالعالم يراقب كل محاولة لهذا النظام لضرب المتظاهرين، أو محاولته شقّ صفوفهم، لدفعهم إلى الاقتتال الداخلي.

إن حضور النساء الكثيف في مظاهرات السويداء دفع مجتمع هذه المحافظة بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية إلى مزيد من التوحد الوطني، مما دفع السوريين في كل المناطق إلى تأييد هذه المظاهرات، لا بل العمل على شدّ أزرها، كي يتقدم الخطاب الوطني التحرري الواحد على حساب أي محاولات لتفتيت وحدة الشعب السوري ومكوناته الوطنية.

إن مشاركة نساء السويداء ومن قبلهن نساء سورية بصورة عامة في مظاهرات تطالب بالحريات والكرامة هي فتح اجتماعي وسياسي يعيشه المجتمع السوري، إذ تتقدم حقوق وواجبات المواطنة على غيرها من خطابات تمييزية بين المكونات أو بين الجنسين (النساء والرجال).

إن الوحدة الاجتماعية السورية لا قيمة لها في تطوير البلاد بدون أن تكون المرأة شريكة حقيقية في صنع مستقبل وطنها ومجتمعها، وهو ما تؤسس له مشاركة نساء السويداء في معركة الخلاص من نظام الاستبداد، الذي جعل من سورية بلداً متخلفاً مقهوراً ومدمراً.

أ. ميسون محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top