طوفان الأقصى في وجه الزحف الشيعي

طوفان الأقصى في وجه الزحف الشيعي

قد يتساءل القارئ لماذا اخترت هذا العنوان الذي يبدو في ظاهره منافياً للواقع إذ أنَّ عملية طوفان الأقصى هي عملية عسكريّة استهدفت الكيان الصهيوني وقلبت موازين القوة على الأرض، ولكنني في هذا المقال أوضح البُعد الثاني لطوفان الأقصى وتحديداً ما بعد الطوفان.

إنّ المقاومة في فلسطين لا تزالُ صامدة لليوم السابع عشر بعد المئة في وجهِ أشرس المعارك دمويةً في تاريخ القطاع، حيث سطرت فيها أعظم المعارك وقصص الانتصارات على كافة الأصعدة السياسية والإعلامية والعسكرية، بل والإنسانية، فقد أعطت المقاومة دورساً للعالم في الإنسانية وفي التعامل مع الأسرى وفي أخلاق الإسلام؛ وهذا وحده يمكن أن يقال عنه نصراً إنسانياً وأخلاقياً في ظلِّ تعامٍ من يدّعون الإنسانية وهم أبعد ما يكونون عنها!

فقد فضحت المقاومة، الإنسانية العوراء، والقوانين الدولية المهترئة، والمنظمات الدولية الكرتونية، العاجزة عن إيقاف شلال الدم الفلسطيني.

لكنّ الذي لابد من إيضاحه أن الطرف الآخر وأعني بذلك من ألصقوا أنفسهم في القضية الفلسطينية زوراً وبهتاناً يتصنعون دعم المقاومة ولكنهم يقفون موقف المتفرج مما يحدث! وأعني تحديداً إيران وميليشياتها كحزب الله والمقاومة في العراق، التي تدربت لتقتل المسلمين السنة العرب باسم طوفان الأقصى وتحت شعار تحرير فلسطين.

إن إيران وميليشياتها وجدوا في الدعم المحدود للقضية الفلسطينية مدخلاً لتوسيع نفوذهم في الوطن العربي فما كان منهم إلا أن رفعوا شعارات تحرير القدس ونصرة القضية الفلسطينية لهدفين مهمين:

  • الأول: خداع الشعوب العربية السنية في أن إيران وأذرعها ينتجون المقاومة ويدعمونها ويسعون لتحرير فلسطين وبالتالي فإن عدوهم الأول الكيان الصهيوني!
  • والثاني: أن في حمل هذه الشعارات وتقديم القليل من الدعم مدخلاً لتوسعة النفوذ والعلاقات وامتداد الزحف الشيعي في المنطقة العربية من خلال تبني القضية المجمع عليها عند المسلمين.

إلا أن الحقيقة ظهرت بعد طوفان الأقصى وبعد أن بدأت المقاومة خوض معركة الوجود أو الفناء خاصة بعد التخاذل وعمليات التطبيع من بعض الدول التي كادت أن تنسى فلسطين وحقها في التحرر من الاحتلال، فسعت إيران وأذرعها لاستغلال الحدث وتوظيفه سياسياً فتارة تنفي علمها بوجوده وهذا يعني نفي المسؤولية عنها، وتارة توظف المعركة في غسل العار الذي لحق بها بعد اغتيال قاسم سليمان وعددٍ من قيادة الحرس الثوري الإيراني، وتارة تفبرك العمليات وتصيغ البيانات لتخفي جبنها عن الدخول في المعركة بشكل مباشر.

لقد أظهرت عملية طوفان الأقصى هشاشة وخبث هذا التوظيف السياسي القميء من إيران وميليشياتها لقضية فلسطين، بل إن شعوب العالم العربي والإسلامي أدركت أن ما صنعته إيران من ميليشيات مسلحة هي في حقيقتها لقتل وتهجير أهل السنة من سورية ولبنان والعراق واليمن! لا لتحرير القدس، فقد بات طريق القدس واضحاً لمن يقصده ولكن إيران لا تزال تصر على أنه يمر من حلب وإدلب وصنعاء والموصل!

لقد أجهزت إيران على ثورات الربيع العربي واحتلت مساحات واسعة من دوله وسيطرت على قراراتها فصارت قوة إقليمية مؤثرة في صراعات الشرق الأوسط.

إن ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، فقد أظهرت هذه العملية أن من كانوا ينادون بدعم المقاومة ما هم إلا وهم وسراب يحسبه الظمآن ماء، ولكنهم سقطوا في أول مواجهة هاربين من المسؤولية إلى مزابل التاريخ.

لقد وقفت عملية طوفان الأقصى حقاً في وجه المد الشيعي كما وقفت في وجه الكيان الصهيوني، وكشفت غدرها بالمقاومة ومكانة قضية فلسطين منها، فالقضاء على الشاب العربي وتدمير الشعوب السنية وإخضاعها من أبرز أهداف إيران الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، فهل ستعي دول وشعوب العالم الإسلامي هذه الحقيقة!

أ. بلال محمد الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top