أولا : كفة الحراك الشعبي المتسع تدريجياً أوضح ما يلي:
- أدوات ووسائل المواجهة التي واجهنا فيها النظام قبل ١٣ سنة لا تنفع في مواجهة سلطات الأمر الواقع الآن. بسبب الاختلاف الكبير بين هذه السلطات وبين النظام، فهؤلاء مهما حدث كانوا وما زالوا جزءاً من المواجهة العسكرية ضد النظام.
- نحتاج إلى التركيز على قضايا كبرى تحقق أكبر مصلحة للشعب مع الحفاظ على الوجود العسكري للفصائل بما يصون حرية الشعب ومصالحه من جهة. وبما يجعل هذه الفصائل مهتمة بتطوير نفسها عسكرياً استعداداً للمستقبل.
- يجب أن يكون للحراك الشعبي نظرة استراتيجية ورؤية واضحة لمطالب يتم تحقيقها. وضمان عدم تسلق أصحاب المصالح الخاصة. كي نقطع الطريق على الفساد انطلاقاً وانتهاءً، بمعنى آخر. يجب أن يتحلى هذا الحراك الشعبي بالرشد والحكمة وضبط التوجهات.
- من القضايا الكبرى التي نحتاجها في المحرر الإسراع في إيجاد كيانات -مهما كان عددها- تنظم العلاقة بين مطالب الشعب وبين القائمين على كامل المحرر. وذلك لضمان إشراك الناس في الحراك الشعبي والفعل السياسي والاجتماعي باعتبار أن حاضر ومستقبل المحرر هو شأن عام يخص كل الموجودين فيه ويجب أن تكون هذه الكيانات من الرشد والوعي ووضوح الأهداف ما يجعلها بشكل فعلي صمام الأمان للمحرر.
- أن يكون الخطاب متعالياً عن الانتقام أو الشماتة أو السباب أو التقليل من قيمة عموم المجاهدين في المحرر. وأن يكون هذا الخطاب قابلاً لحشد الناس حوله باعتباره يحقق مصالح عليا للمحرر.
- أخيرا.. عدم الاغترار بالحالة الانفعالية العاطفية التي قد تشتت أهداف الحراك فتأخذه نحو إحداث أضرار أكبر من الأضرار التي كان يعاني منها المحرر قبل الحراك (فنكون كمن جاء ليكحلها فقلع عينها)
ثانيا: كفة سلطات الأمر الواقع
- لم يعد بالإمكان تغييب الناس والالتفاف حول وعيهم ومعرفتهم لكل ما يدور حولهم فمصادر المعلومات أكبر مما نتخيل. وبالتالي، احترموا عقول الناس وخاطبوها بما يصلح المحرر فعلا، وليس بما يخمد مشاعرهم ونفوسهم ثم بعدها سيكون لكم تصرف آخر.. بمعنى آخر قدموا خطابا مرتبطا بسلوكيات تحقق المصداقية والموثوقية. بحيث لا تكون هناك خديعة للناس هم كاشفوها لامحالة – إن وجدت – وبذلك ربما ننجح بضم الخيط بالإبرة. التي ستخيط العلاقة بين الثورة وحاضنتها وبعدها تبدأ عملية الخياطة ضمن بيئة من الثقة والمسؤولية من كل الأطراف.
- حضروا إجابات واضحة وصريحة عن العديد من الأسئلة التي تؤرق المحرر مع الوضع بالحسبان أن المجتمع يعي كل ما يحدث حوله. وبالتالي الأسئلة المتعلقة بالسجون وبدور الحكومات ودور المؤسسات العسكرية والرسمية ودلالات الأحداث الأخيرة وبالحالة الاقتصادية والتجارية وبمستوى الحريات والمشاركة السياسية للمجتمع وغيرها من الاسئلة.. كلها بحاجة إلى إجابات.
حضروا مستوىً مناسباً من الأجوبة. يضمن الانسجام بين المجتمع وبين المؤسسات وبالتالي يعيد المجتمع إلى إيمانه بثورته وبدوره في هذه الثورة. - كانت الحالة الثورية في سنوات الثورة الأولى سبباً في تشتيت العدو. وعندما بالغنا في مركزة القرار ومركزة الفعل الثوري وصلنا إلى حالة من العزلة للمنتمين للفصائل والمؤسسات الرسمية عن المجتمع ورسخنا الانقسام والتعالي بين الطرفين وهذه كارثة كبرى ربما ندفع ضريبة هي الأكبر نتيجة لذلك.. والمطلوب هو البحث بعقلية منفتحة عن بيئة جامعة تحقق القوة المجتمعية الشاملة.
- اخيرا.. هناك في كل حارة من المحرر شباب غيورين ورجال واعين عندهم هم وهمة كادت أن تخنقهم الإجراءات الأمنية مما دعا الكثير منهم إلى محاولات الخروج من دائرة الفاعلية سواء بالسفر إلى الخارج أو بالعزلة الداخلية… هؤلاء صمام أمان فإذا ما أرادوا تنظيم أنفسهم في كيانات أو أحزاب أو مشاريع سياسية أو اجتماعية.. فهذا حقهم وربما يكون ذلك الضمان الوحيد لتقريب المسافات بين المجتمع والسلطات.
بالمناسبة.. معركتنا مع النظام معقودة ومستمرة وخطيرة فلا نغتر بفترة البحبوحة التي عشناها في السنوات القليلة الماضية وهو ما يدعونا إلى حسابات عالية الدقة والحساسية في أي قرارات أو نشاطات.
أقرأ أيضا: لماذا لم يسقط نظام الأسد بعد تضحيات الشعب للثورة السورية؟
أ. أيمن سيف الدين