باتت ظاهرةُ الهجرة المستمرة من مناطق النظام السوري إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر طرق التهريب ، تعكس حالةً من انعدام الأمل في تحسن الأوضاع المعاشية ، والأمنية في مناطق سيطرة النظام السوري ، ووصول الناس فيها إلى طريق مسدود ، وعدم الثقة بحلول النظام للأزمات المتفاقمة المتعلقة بانعدام السلع وارتفاع الأسعار .
إن رصد عشرات الحالات من الهجرة الجماعية لأسرٍ وعوائلَ ، تُشِيْرُ بشكلٍ واضحٍ إلى أن مناطق سيطرة المعارضة – رغم ما تعانيه من صعوبات اقتصادية – تبقى خياراً أفضل إذا ما قورنت بمناطق النظام اليوم ، وأن نسبة الهجرة قابلة للزيادة بشكل كبير ، في حال تم فتح المعابر ، وسمح بحركة التنقل للمدنيين بين المناطق .
لا شك أن هناك أسباباً كثيرةً غير الفقر المدقع ، وغلاء الأسعار ، وانعدام الخدمات ، تدفع الناس للخروج من مناطق النظام ، كالتخلص من التجنيد الإجباري ، أو الخلاص من حالة الفوضى الأمنية ، أو الفرار برؤوس الأموال الخاصة ، أو البحث عن مستوى معيشي أفضل ، أو محاولة الخروج إلى تركيا ، وهذا ما يرجح ازدياد وتيرة هذه الحركة من الهجرة المستمرة في الأيام والشهور القادمة؛ لارتباطها بأسبابٍ مزمنة لا حل لها على المدى القريب .
تحاول روسيا والنظامُ إعادةَ أسباب هذه الظاهرة إلى العقوبات الغربية ، ومفاعيل قانون : “قيصر” ، التي أثرت على الاقتصاد السوري ، وانخفاض قيمة الليرة السورية ، وتحاول أن تستثمر بهذه الظاهرة سياسياً ؛ للضغط على الغرب وتهديده بمزيد من موجات الهجرة في حال إبقاء الحصار على النظام السوري .
تأتي ظاهرة هجرة السكان من مناطق النظام في الوقت الذي ، تحاول فيها روسيا إعادة تعويم النظام ، ودفعَ عددٍ من الدول العربية للانفتاح على دمشق ، وإعادة النظام للمحيط العربي، وفي الوقت الذي يتجهز فيه النظام السوري لإجراء الانتخابات الرئاسية أمام هذا الوضع الكارثي ، وبدون أي برنامج انتخابي يعالج مشاكل المواطنين ، علماً أن حوالي ثلث سكان سورية – فقط – يقطنون في مناطق سيطرة النظام ، مع رفض السكان في المناطق الخارجة عن سيطرته لعودة سيطرة النظام على مناطقهم ، إضافة لرفض المهجَّرين في بلاد اللجوء للعودة الطوعية إلى مناطق سيطرة النظام ، وهو ما يدحض رواية النظام وروسيا حول انتصار النظام ، وقدرته على إعادة لم شتات الشعب السوري .