في لقاء روما …. هل يعود الملف السوري من هامش الاهتمام إلى الواجهة ؟
من المقرر أن يترأس وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكن” الاجتماع الخاص بسورية ، بمشاركة من 14 وزير خارجية – من السبع الكبار – ودول عربية وإقليمية ، في روما في 28 حزيران / يونيو الحالي ، في أول إطلالة سياسية رفيعة المستوى لإدارة الرئيس جو بايدن على الملف السوري.
وسيعقد هذا الاجتماع على هامش مؤتمر التحالف الدولي ضد داعش ، بمشاركة 83 عضواً في العاصمة الإيطالية ، إذ فاجأ بلينكن نظراءه بتوسيع دائرة المدعوين للاجتماع الوزاري ، بحيث لا يضم فقط “المجموعة المصغرة”، والتي تشمل : أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا ، ألمانيا ، السعودية ، الأردن ، مصر . بل إن الوزير الأميركي غَيَّرَ الصيغة ، ووجه الدعوة إلى وزراء خارجية : السبع الكبار و المجموعة الصغيرة ، إضافة إلى تركيا وقطر ، والمبعوث الأممي غير بيدرسن.
هذا الاجتماع ، الذي يرأسه “بلينكن ، ونظيره الإيطالي لويجي دي مايو” ، هو الأقرب في صيغته إلى “المجموعة الدولية لدعم سورية” التي تولدت بعد عملية فيينا في نهاية 2015م ، غير أنها لا تضم كلاً من : روسيا وإيران .
في قراءة سريعة لهذا اللقاء – المزمع عقده – ربما نستطيع الذهاب إلى القول بأنه بداية التحرك الأمريكي الجاد ؛ لحل القضية السورية ، وحشد جبهة دولية كبيرة ؛ للتحرك من خلالها تجاه الملف السوري .
ونستطيع الذهاب إلى القول : إن هذا اللقاء – الهامشي على المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب – ما هو إلا تلويح بأورق ضغط ضد روسيا في حال أصرت على موقفها من استعمال “حق النقض” على قرار مجلس الأمن ، بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي لا تخضع لسلطة النظام السوري .
وأياً كان من هذين الاحتمالين هو الأرجح ، لكن المهم فيما يجري هو أن الملف السوري وضع على الطاولة ، وعندما يوضع الملف على الطاولة ، فإن سعي الدول في حله لا تأتي من مجرد أهميته بالنسبة لها …
فبالنسبة للملف السوري ، وبرغم أنه لا يأتي ضمن الملفات المهمة بالنسبة للإدارة الأمريكية و روسيا ، لكن لا يعني ذلك أنه ملف موضوع على الرف ، وفي حالةِ جمودٍ تامٍ ، فبعض الملفات الأقل أهمية تأتي على طاولة الأولويات كنوع من عربون الثقة ؛ لعقد الصفقات الكبرى ، وهو ما تشير إليه التحركات الدولية تجاه الملف السوري في هذا الوقت .
وربما تكون مقاربة غيري بيدرسون -المبعوث الأممي – “خطوة مقابل خطوة” بين موسكو وشركائها من جهة ، وواشنطن وحلفائها من جهة أخرى ، وتشكيل “مجموعة دولية – إقليمية” من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ، واللاعبين الإقليميين ؛ بهدف بحث الملف السوري ، هي المسار الجديد لحل القضية السورية .
أما عن الخطوة الروسية والأمريكية ، ومن يبدأ بالخطوة الأولى ….
فبالنظر إلى أن الأولوية الأمريكية – في الوقت الحالي – منصبة على الملف الإنساني فقط ، إلى جانب تفاصيل أخرى مرتبطة بملفي الإرهاب واللجوء ، وحيث أن المؤشرات لا تدل إلى إمكانية الحديث عن عودة الولايات المتحدة للاهتمام بالملف السوري ، بما يتجاوز هذين الملفين حالياً .
فربما تكون الخطوة الأمريكية تجاه روسيا هي : تخفيف الضغط والحصار الاقتصادي الخانق عن النظام ، مقابل أن تبدي روسيا مرونة أكثر في الملف الإنساني ، والسماح بدخول المساعدات الأممية عبر المعابر التي تشرف عليها تركيا .
وبذلك يتضح أن ضغوط ومحفزات الولايات المتحدة لروسيا ؛ لتمرير الملف الإنساني واستمرار فتح المعابر أمام المساعدات الأممية ، لا يأتي ضمن البحث عن مسارِ حلٍ شاملٍ للأزمة في سورية، وإنما لتجنب تصاعد حالة اللجوء والهجرة ، وظاهرة الإرهاب في حال توقفت المساعدات الأممية .
لكن يبقى السؤال : فيما لو استطاعت روسيا السير مع الولايات المتحدة في ملف المعابر والمساعدات الإنسانية ، وسارت الولايات المتحدة مع روسيا في تخفيف الضغوط عن النظام ، فهل سيكون هناك خطوة تالية ….؟